نقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير نشرته صحيفة عرب نيوز أنّ مصر رفضت بشكل قاطع مقترحاً دولياً يقضي بتوليها إدارة قطاع غزة بعد الحرب، معتبرةً أنّ هذه الفكرة “غير مقبولة” على الإطلاق.
وجاء هذا الرفض في وقت تشهد فيه المنطقة ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة وحلفائها لإيجاد صيغة سياسية وأمنية جديدة للقطاع، مع استمرار المخاوف من انفجار أمني جديد على الحدود.
تؤكد الصحيفة أنّ موقف القاهرة يعكس ثوابت سياستها الإقليمية، إذ ترفض تحميلها مسؤولية مباشرة عن القطاع أو الدخول في إدارة يومية لشؤونه، وتشدّد بدلاً من ذلك على أنّ أي ترتيبات تخص غزة يجب أن تندرج ضمن حل شامل للقضية الفلسطينية يضمن إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وبذلك، تبعث مصر برسالة واضحة بأنّها ليست بديلاً عن القيادة الفلسطينية، ولا ترغب في لعب دور “الوصاية” على سكان القطاع.
في السياق ذاته، تزامن النقاش حول غزة مع ضغوط أمريكية على لبنان تتعلق بملف سلاح حزب الله.
فقد أوضحت عرب نيوز أنّ مجلس الوزراء اللبناني يستعد لعقد جلسة في القصر الجمهوري ببيروت لبحث مصير ترسانة الحزب للمرة الأولى منذ سنوات، وهو ما كان يُعدّ أمراً غير وارد عندما بلغ نفوذ الحزب ذروته قبل عامين فقط.
وتأتي هذه الجلسة بعد تكثيف واشنطن ضغوطها على الحكومة اللبنانية لتقديم التزام علني بنزع سلاح الحزب، في ظل مخاوف من أنّ الفشل في ذلك قد يدفع إسرائيل إلى تصعيد ضرباتها داخل لبنان.
وتشير الصحيفة إلى أنّ الحرب التي اندلعت العام الماضي بين حزب الله وإسرائيل ألحقت خسائر فادحة بالحزب، إذ قُتل عدد من أبرز قياداته وآلاف من مقاتليه، فيما دُمّرت أجزاء كبيرة من ترسانته الصاروخية.
وفي يونيو الماضي، عرض المبعوث الأمريكي توماس باراك خارطة طريق على المسؤولين اللبنانيين، تنص على نزع سلاح الحزب بالكامل مقابل وقف إسرائيل هجماتها وسحب قواتها من خمسة مواقع حدودية متنازع عليها في جنوب لبنان.
لكن المقترح الأمريكي تضمّن شرطاً أساسياً: أن يُصدر مجلس الوزراء اللبناني قراراً واضحاً يلتزم فيه بتجريد حزب الله من سلاحه.
وبعد جولات عدة أجراها باراك في بيروت، بدأ صبر واشنطن ينفد، حيث طالبت الوزراء اللبنانيين بسرعة إعلان موقف رسمي حتى تستمر المفاوضات.
إلا أنّ دبلوماسيين ومسؤولين لبنانيين أكدوا أنّ أي تعهّد صريح من هذا النوع قد يشعل توترات طائفية داخل البلاد، خصوصاً أنّ الحزب يحظى بدعم واسع داخل الطائفة الشيعية.
وتضيف الصحيفة أنّ مشهداً لافتاً رُصد عشية الجلسة الحكومية، إذ انطلقت عشرات الدراجات النارية من أحد أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي معقل الحزب، رافعة أعلامه في استعراض واضح للقوة والتمسك بالسلاح.
وبحسب عرب نيوز، يجري رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الأبرز لحزب الله، مشاورات مكثفة مع الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام للتوصل إلى صيغة لغوية عامة تُدرج في قرار مجلس الوزراء بحيث تُرضي واشنطن وتمنح لبنان مزيداً من الوقت.
الصيغة المقترحة تلتزم بإطلاق إستراتيجية دفاع وطني والحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لكنها لا تتضمن وعداً صريحاً بنزع سلاح الحزب.
في المقابل، يعتزم بعض الوزراء المحسوبين على القوى المناهضة لحزب الله، وفي مقدمتهم كمال شحادة من حزب القوات اللبنانية، الدفع باتجاه صيغة أشد وضوحاً تحدّد موعداً زمنياً لتجريد الحزب من سلاحه.
وقال شحادة في تصريح لوكالة رويترز: “لا داعي لمزيد من المماطلة. مصلحة لبنان تقتضي اتخاذ قرار اليوم”.
وتحذّر مصادر دبلوماسية من أنّ عدم خروج الحكومة اللبنانية بقرار واضح قد يدفع إسرائيل إلى تكثيف هجماتها، بما في ذلك على العاصمة بيروت.
ففي حين نجح وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن في نوفمبر الماضي بإنهاء المواجهة بين الحزب وإسرائيل، استمرت الأخيرة في شن ضربات على ما تصفه بمستودعات أسلحة ومراكز مقاتلين تابعة للحزب في الجنوب.
وبهذا، يجمع التقرير بين رفض مصر تولي إدارة غزة – باعتباره انتقاصاً من حقوق الفلسطينيين – وبين تعقيدات المشهد اللبناني، حيث يواجه قادة البلاد ضغوطاً خارجية وداخلية للتعامل مع ملف سلاح حزب الله.
وتكشف التطورات في القضيتين عن توازنات دقيقة في المنطقة: مصر تسعى إلى حماية دورها كوسيط لا كبديل، ولبنان يحاول الموازنة بين الضغوط الدولية وحساسية التوازن الطائفي الداخلي.